السبت، 19 سبتمبر 2015

سلسلة الآداب الإسلامية: الموضوع 6 "اجتباب فضول الكلام"



سلسلة الآداب الإسلامية:
الموضوع 6: اجتناب فضول الكلام

بسم الله الرحمن الرحيم.

سنتطرق في هذه الحلقة – بإذن الله تعالى - من سلسلة الآداب إلى "اجتناب فضول الكلام" وهو أدب في غاية الأهمية، من اتصف به نجا من مجموعة من الآفات كالجفاء والن
دامة.

فآلة الكلام اللسان، واللسان من نعم الله العظيمة، فهو وإن صغر حجمه فقد عظم أثره، فمن أطلق للسان العنان سلك به الشيطان في كل ميدان، ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله.

عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال: لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه؛ تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؛ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل قال ثم تلا "تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون" ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا نبي الله. فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم! " [رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح].

وقال الله عز وجل: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما" [سورة النساء، الآية 114].

فالآية حصرت المهم من الكلام وبالتالي فكل ما عدا ذلك فهو فضول.
ففضول الكلام مذموم، وهو يتناول الخوض فيما لا يعني والزيادة فيما يعني على قدر الحاجة، فإن من يعنيه أمر يمكنه أن يذكره بكلام مختصر، ويمكنه أن يجسمه أو يقرره أو يكرره، فإذا ما بلغ المتكلم مقصوده بكلمة واحدة فلا حاجة إلى التكرار اللهم إلا إذا كانت من أجل التعليم والترسيخ وإلا فهو فضول - أي فضل عن الحاجة - وهو أيضا مذموم وإن لم يكن فيه إثم ولا ضرر.

وقال صلى الله عليه وسلم: "طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه وأنفق الفضل من ماله".

فانظر كيف قلب الناس الأمر في ذلك فأمسكوا فضل المال وأطلقوا فضل اللسان.

وعن مطرف بن عبد الله عن أبيه قال: "قدمت على رسول صلى الله عليه وسلم في رهط من بني عامر فقالوا: أنت والدنا وأنت سيدنا وأنت أفضلنا علينا فضلا، وأنت أطولنا علينا طولا، وأنت الجفنة الغراء وأنت وأنت فقال: قولوا قولكم ولا يستهوينكم الشيطان(1)".

وقال ابن مسعود: أنذركم فضول كلامكم؛ بحسب امرئ من الكلام ما بلغ به حاجته (2).

وقال بعض الحكماء: إذا كان الرجل في مجلس فأعجبه الحديث فليسكت وإن كان ساكتا فأعجبه السكوت فليتكم(2).

وقال يزيد بن أبي حبيب: من فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع فإن وجد من يكفيه فإن في الاستماع سلامة، وفي الكلام تزيين وزيادة ونقصان(2).

ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة فقال: لو كانت هذه خرساء كان خيرا لها(2).

فلنجتنب فضول الكلام، إذ من كثر كلامه كثر لغطه، قال الله تعالى: "كلا بل تكذبون بالدين(*) وإن عليكم لحافظين(*) كراما كاتبين(*) يعلمون ما تفعلون(*)" [سورة الانفطار، الآيات 12،11،10،9].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شرار أمتي الثرثارون، المشدقون، المتفيهقون (3)، وخيار أمتي أحاسنهم أخلاقا"(4).


وإلى موعد آخر ومع موضوع آخر طبتم ودمتم في رعاية الله.



الشروح:
(1) إشارة إلى أن اللسان إذا أطنب بالثناء ولو بالصدق فيخشى أن يستهويه الشيطان إلى الزيادة المستغنى عنها.
(2) هذه المأثورات اقتبسناها من كتاب "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي رحمه الله تعالى عند حديثه عن آفة اللسان.
(3) المتفيهقون: المتكبرون الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم.
(4) الأدب المفرد للبخاري.


بقلم: قروشي لحسن بن عدي


Mes adresses Email, mes pages & mon blog « Lahcenb Karouchi » :

Mon site « Blog » :

Ma chaine « YouTube » :

Ma page  «  FaceBook » :

Ma page « Twitter » :

Mon adrese Email « Gmail » :

Mon adrese Email « Hotmail » :


0 التعليقات:

إرسال تعليق