بادئ ذي بدأ،
أود الإشارة إلى أن مسطرة الحجز لدى الغير أصبحت تؤرق العاملين في ميدان التأمين
وكذا القضاء، وقد قررْتُ طرح الموضوع للإثراء والمناقشة البناءة، بعيدا عن كل تعصب
للرأي أو سوء الخطاب في الرد، فأرجو ممن له صلة بالموضوع أن يساهم في هذا النقاش
مأجورا إن شاء الله تعالى.
من المعلوم أن الأحكام
التي تصدر في القضايا الاجتماعية كحوادث الشغل مشمولة بالنفاذ المعجل رغم كل طعن
أو استئناف وهذا ما نص عليه الفصل 285 من قانون المسطرة المدنية.
وحيث أن ضحايا حوادث
الشغل يستفيدون من المساعدة القضائية، فإن مطالبتهم بتنفيذ الأحكام الصادرة
لفائدتهم تكون مجانية، وبالتالي فليس عليهم إلا أن يتقدموا بطلب التنفيذ لدى قسم
التبليغات والتنفيذات القضائية بالمحكمة مصدرة الحكم، حيث تقوم شركات التأمين
بالتنفيذ في غضون شهر أو شهرين على الأكثر من تاريخ توصلها بطلب التنفيذ من
المصلحة المذكورة وذلك بنسبة تفوق 90% من الملفات المعروضة.
ولكن البعض من ضحايا حوادث الشغل وخاصة وكلاؤهم يفضلون
اللجوء إلى مسطرة الحجز لدى الغير بالرغم من عدم مجانيتها، وذلك نظرا لسهولة
حصولهم على المبالغ المحكوم بها، والسبب وراء ذلك هو تساهل أكثر القضاة في التعامل
مع هذه المسطرة دون إخضاعها للشروط القانونية كما سنرى.
يشترط لرفع دعوى الحجز لدى الغير:
·
تبليغ الحكم
·
وجود المبرر لطلب الحجز ووجود صعوبة في التنفيذ.
·
عدم الطعن في السند التنفيذي باستئناف أو غيره.
يجب رفض طلب الحجز إن لم يقم الحاجر بتبليغ الحكم للمحجوز عليه، وكذا إن لم يكن لدى الحاجز المبرر وأيضا في
حالة استئناف الحكم وذلك تماشيا مع مقتضيات الفصول المنظمة لمسطرة الحجز، ولتفصيل ذلك
أقول:
مسألة تبليغ الحكم:
حيث جاء في الفصل 433 من ق.م.م: " يبلغ كل حكم
قابل للتنفيذ بطلب من المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه ضمن الشروط المقررة في الفصل
440 الآتي بعده" . وقد نص الفصل 440 من ق.م.م. على ما يلي: " يبلغ عون التنفيذ
إلى الطرف المحكوم عليه، الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حالا
أو بتعريفه بنواياه وذلك خلال أجل لا يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ.
إذا طلب المدين آجالا أخبر العون الرئيس الذي يأذن بأمر بحجز أموال المدين تحفظيا إذا
بدا ذلك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيد من الحكم. إذا رفض المدين الوفاء أو صرح
بعجزه عن ذلك اتخذ عون التنفيذ الإجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ ".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفصلين معا 433 و 440 قد
أدرجهما المشرع تحت عنوان "القواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام"
مما يوحي بإلزامية احترامهما.
ونحن نجد من يرفع دعاوى الحجز من دون تبليغ الحكم
– وهم الأغلبية – ومن دون المطالبة بتنفيذ حبي له!!!
ولعل هذا الأمر للمحكمة مصدرة الحكم يدا فيه، ذلك
أن بعض المحاكم لا تقبل من الشخص المستفيد من حكم ما أن يتقدم بطلب التبليغ فقط بل
لابد له من تقديم طلب التنفيذ أيضا.
وحيث أن خشىة طالب التبليغ من مرور وقت طويل على
تنفيذ الحكم الصادر لفائدته إذ أن النسسخة التنفيذية ليست بين يديه، وهي خشية إما
وهمية أو واقعية، فإنه يتخلى عن التبليغ من أصله، وبالتالي يُرفع طلب الحجز ويُقبل
من دون المساءلة عن سلوط مسطرة التبليغ، فأكثر الملفات التي تسلك مسطرة الحجز لا
يتوفر المحجوز عليه على نسخة من الحكم موضوع الحجز!!!
فهلا طالبت المحكمة الحاجز بشهادة ضبطية تثبت
تسلم المحجوز عليه بنسخة من الحكم!!!
مسألة وجود المبرر:
يَشْترط الفصل
491 من ق. م. م الرجوع إلى الحجز عند وجود صعوبة، حيث ينص: "يتم حجز ما للمدين
لدى الغير بناء على سند تنفيذي أو بأمر يصدره رئيس المحكمة الابتدائية بناء على طلب
بشرط الرجوع إليه عند وجود صعوبة".
كما يمكن تدعيم هذه النقطة "مسألة وجود المبرر"
بما جاء في الفصل 156 من ق.م.م: "ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية طبقا للشروط
المشار إليها في القسم الثالث أعلاه. يتضمن المقال الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن
الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب وموجب الطلب. يجب أن يعزز هذا الطلب
بالسند الذي يثبت صحة الدين ".
إن الإشارة إلى "موجب الطلب" تؤكد على "وجود
صعوبة" لدى الحاجز في استخلاص الدين من المحجوز عليه.
نعم، بعض المحامين يبحثون عن مبرر لتدوينه بطلباتهم
من أجل إيقاع الحجز، فيتهمون المحجوز عليه بالتماطل في أداء الأحكام، وهذا فيه مساس
بسمعة المحجوز عليه، وهو من باب التقاضي بسوء النية وتضليبل العدالة، ذلك أن [لجوء
الحاجز (le créancier
saisissant) لأشكال تعسفية من شأنها حصول الضرر بالمحجوز
عليه (le saisi) بحيث يحرمه من التصرف في أمواله ويثاتر نشاطه ومركزه التجاري وتسوء سمعته
في السوق، فمن شأن أمر كهذا رفع دعوى ضد الحاجز من أجل إلزامه بتعويض الضرر الذي قد
يلحق بالمحجوز عليه واعتباره مسؤولا مدنيا عن أي ضرر محتمل الوقوع كهذا] (للأمانة
العلمية: الكلام بين المعقوفتين منقول).
كما أن دحض ادعاء تماطل المحجوز عليه (وخاصة
شركات التأمين) في الأداء أمر في متناول المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار
البيضاء، إذ بالإمكان الوقوف على الإحصاء التي تعده بشكل دوري من طرف قسم التنفيذ والذي
يثبت احتلال هذه الشركات - مع تفاوت فيما بينها - المراتب الأولى في تنفيذ الأحكام.
فهلا طالبت المحكمة الحاجز بمحضر امتناع عن التنفيذ أو
شهادة تثبث عُسْرَ المحجوز لديه!!!
مسألة استئناف الحكم:
نلاحظ أن
الفصل 147 من ق. م. م أوجب عند الأمر بالتنفيذ المعجل أن يكون هناك سند رسمي أو تعهد
معترف به أو حكم سابق غير مستأنف وهذا نصه: "يجب أن يؤمر بالتنفيذ المعجل رغم
التعرض أو الاستيناف دون كفالة إذا كان هناك سند رسمي أو تعهد معترف به، أو حكم
سابق غير مستأنف".
كما أن الفصل 437 والذي يعتبر أيضا من القواعد العامة
بشأن التنفيذ الجبري للأحكام قد أكد على أن الأمر القاضي بالحجز أو رفع اليد لا
ينفذ في حالة استئنافه حيث نص على ما يلي: "لا يكون الحكم الذي يقضي برفع يد أو
رد أو وفاء أو أي عمل آخر يجب إنجازه من قبل الغير أو على حسابه، قابلا للتنفيذ من
قبل الغير أو بينهم ولو بعد أجل التعرض أو الاستيناف إلا بعد تقديم شهادة من كتابة
ضبط المحكمة التي أصدرته، تحتوي على تاريخ تبليغه للطرف المحكوم عليه، وتشهد بأنه
لم يقع أي تعرض أو استيناف ضده".
فهلا طالبت المحكمة الحاجز بشهادة ضبطية تثبت نهائية الحكم
بعدم الطعن فيه!!!
قروشي لحسن بن عدي بن لحسن
2 التعليقات:
جزاك الله وانارطريقك
جزاك الله وانارطريقك
إرسال تعليق