الأحد، 30 أغسطس 2015

سلسلة الآداب الإسلامية: الوضوع 2 "إكرام الضيف"



سلسلة الآداب الإسلامية:
الوضوع 2: إكرام الضيف

بسم الله الرحمن الرحيم.

تطرقنا في الموضوع الأول من هذه السلسلة لـ " أدب الزيارة" ونحن هنا نطرح موضوعا جديدا من الآداب الإسلامية والأخلاق النبيلة التي كادت تتوارى أمام زحمة المشاكل وغلاء المعيشة والبعد عن الدين ألا وهو "أدب إكرام الضيف".

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. [رواه الإمام مالك والبخاري ومسلم].

وعن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه؛ جائزته (1) يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي (2) عنده حتى يحرجه (3). [رواه الإمام مالك والبخاري ومسلم].

وقال الله تعالى: "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ(25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ(26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ(27)" [سورة الذاريات].

فظاهر الحديث انتفاء الإيمان عمن خالف شيئا من هذه الخصال، والأمر ليس كذلك بل أريد به المبالغة كما يقول القائل: إن كنت ابني فأطعني، تهييجا له على الطاعة، لا أنه بانتفاء طاعته ينتفي أنه ابنه.
والمراد بقوله "يؤمن بالله واليوم الآخر" الإيمان الكامل، وخصه بالله واليوم الآخر إشارة إلى المبدأ والمعاد، أي من آمن بالله الذي خلقه وآمن بأنه سيجازيه بعمله فليفعل الخصال المذكورات.
ولنا إن شاء الله تعالى عودة بشيء من التفصيل في هذه السلسلة "سلسلة الآداب" إلى الخصال الحميدة التي وردت في هذا الحديث، ونكتفي في هذا اليوم بأدب الضيافة مستنبطين ذلك من هذه الاستشهادات فنقول:

1) يحث ديننا الحنيف على إكرام الضيف، وقد جعل ذلك من تمام الإيمان.
2) أمر المضيف بالتحلي بآداب، منها ضيافة الضيف وإجازته، والإجازة المذكورة في الحديث هي أن يُعْطِيه مَا يَجُوز بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة وَتُسَمَّى الْجِيزَة، وَهِيَ قَدْر مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِر مِنْ قرية إلى قرية.
3) نهى الضيف عن إحراج المضيف بإطالة مدة الضيافة.
4) خروج المضيف خفية لإحضار الطعام للضيوف حتى لا يبادروه بالامتناع خجلا أو ترفعا "فراغ إلى أهله".
5) إكرام الضيوف بأحسن ما لديه "فجاء بعجل سمين" حيث كان عامة مال نبيّ الله إبراهيم عليه السلام البقر كما أوردت كتب التفسير.
6) خدمة المضيف الضيف بنفسه، فإبراهيم عليه السلام هو من خدمهم بنفسه، انظر إلى قوله تعالى: "فقربه إليهم".
7) تقريب الأكل من الضيوف حيث يجلسون بدلا من وضع الأكل في مكان بعيد عن مجلسهم ثم أمرهم بالاقتراب منه.

ومن إكرام الضيف أن تأكل معه، ولا توحشه بأن يأكل وحده، وهو معنى قوله عليه السلام: "إن لضيفك عليك حقًا"، يريد أن تطعمه أفضل ما عندك، وتأكل معه، ففي رواية أن أبا الدرداء كان صائمًا فزاره سلمان، فلما قرب إليه الطعام قال: لا آكل حتى تأكل، فأفطر أبو الدرداء من أجله وأكل معه.

ومن الأخطاء التي يقوم بها البعض؛ التذمر أمام الضيوف خاصة عندما لا تكفي الأواني عدد أولئك الضيوف فيقول مثلا "أجي أولدي خذ لفلوس أوجيب خمسة الكيسان خاصين الناس! " (4) أو عند فراغ قنينة الغاز فيقول مثلا "ما صابت إمتى تخوا هذ القرعة حتى جاو الناس! " (5) أو يستفسر الضيوف "آش تاكلوا، آش اتشربوا؟! " (6).

ففي مثل هذه الحالات على المضيف الخروج خفية والتحدث مع أهله سرا من دون أن يفطن الضيوف لحالة الطوارئ التي قد تخيم على البيت في ظرف كهذا "فراغ إلى أهله".

وإلى موعد آخر ومع موضوع آخر طبتم ودمتم في رعاية الله.


الشروح:
(1) الإجازة: المنحة والعطية.
(2) الثواء: الإقامة بمكان معين.
(3) الحرج: الضيق.
(4)  عبارة بالدارجة المغربية معناها "خذ النقود واقتن لنا خمسة كؤوس لكفاية الضيوف".
(5) عبارة بالدارجة المغربية معناها "لم تجد قنينة الغاز وقتا لتفرغ فيه غير هذا الذي جاءنا فيه الضيوف".
(6) عبارة بالدارجة المغربية معناها "ماذا تأكلون؟ ماذا تشربون؟ ".



قروشي لحسن بن عدي


Mes adresses Email, mes pages & mon blog « Lahcenb Karouchi » :

Mon site « Blog » :

Ma chaine « YouTube » :

Ma page  «  FaceBook » :

Ma page « Twitter » :

Mon adrese Email « Gmail » :

Mon adrese Email « Hotmail » :


0 التعليقات:

إرسال تعليق