سلسلة الآداب الإسلامية:
الوضوع 3: حسن الجوار
بسم الله الرحمن الرحيم.
تطرقنا في الموضوع الثاني من هذه السلسلة لـ "إكرام
الضيف" وقد جاء من ضمن الوصايا بالحديث المستشهد به الوصية بالجار، وهو الخلق
الذي سنخصص له حلقة اليوم، وإنما حث الإسلام على حسن الجوار لما علم في ذلك من ربط
جسور المودة، فالجيران هم من يُكَوِّنُ المجتمع، فكلما سادت بينهم روح التسامح والإخاء
كلما خلت محاكمنا من القضايا وشوارعنا من التسكع وبيوتنا من التوتر ومعاملاتنا من
القلق.
ونحن هنا نورد الحديث النبوي الشريف تذكيرا به؛ فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. [رواه الإمام مالك والبخاري ومسلم].
وقال الله تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا(36)" [سورة النساء].
فلقد جعل الإسلام من تمام الإيمان تجنب إيذاء الجار، وهذه
باقة من الأحاديث النبوية نستظل بظلها لعلنا ننال من نفحاتها:
عن عبد الله بن عمرو، أنه ذُبحت له شاة، فجعل يقول لغلامه:
أهديت لجارنا اليهودي؟ أهديت لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" [الأدب المفرد
للبخاري].
عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما
أهدي؟ قال: "إلى أقربهما منك بابا" [الأدب المفرد للبخاري].
عن الوليد بن دينار، عن الحسن، أنه سئل عن الجار، فقال:
أربعين دارا أمامه، وأربعين خلفه، وأربعين عن يمينه، وأربعين عن يساره" [الأدب
المفرد للبخاري].
عن ابن عمر قال: لقد أتى علينا زمان - أو قال : حين - وما
أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من
أخيه المسلم، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كم من جار متعلق بجاره
يوم القيامة يقول: يا رب، هذا أغلق بابه دوني، فمنع معروفه" [الأدب المفرد
للبخاري].
عن عبد الله بن المساور قال: سمعت ابن عباس يخبر ابن الزبير
يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع"
[الأدب المفرد للبخاري].
عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا
ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماء المرقة، وتعاهد جيرانك، أو اقسم في جيرانك" [الأدب
المفرد للبخاري].
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند
الله تعالى خيرهم لجاره" [الأدب المفرد للبخاري].
عن نافع بن عبد الحارث، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من
سعادة المرء المسلم: المسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء" [الأدب
المفرد للبخاري ].
عن أبي يحيى مولى جعدة بن هبيرة قال: سمعت أبا هريرة يقول:
قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار،
وتفعل، وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا خير فيها، هي من أهل النار"، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة، وتصدق
بأثوار (1)، ولا تؤذي أحدا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي من أهل
الجنة" [الأدب المفرد للبخاري].
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" [الأدب المفرد للبخاري]. (2)
عن عمرو بن معاذ الأشهلي، عن جدته، أنها قالت: قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "يا نساء المؤمنات، لا تحقرن امرأة منكن لجارتها،
ولو كراع (3) شاة محرق" [الأدب المفرد للبخاري].
ألفنا استباط الآداب عن طريق استقراء الاستشهادات القرآنية
أو الحديثية، ونظرا لجلاء النصوص فقد اكتفت بسردها لتتحدث لنا عما يجب فعله وعما
يجب تركه مع الجار، ومع ذلك فأنا أقول معلقا: إذا عجزت أيها المسلم عن تقديم العون
لجارك أو مساعدته في محنته، فإنك لن تعجز في كف أذاك عنه على الأقل، فلا تضطره
لكره مقر إقامته أو ملاقاتك، فلئن عكرت صفوه ظلما فسوف لن تغمض له عين حتى يرى
انتقام الله تعالى منك، وقديما قيل: "الجار قبل الدار".
وإلى موعد آخر ومع موضوع آخر طبتم ودمتم في رعاية الله.
الشروح:
(1)
الاثوار: جمع ثور وهي قطعة من الأقط وهو لبن جامد مستحجر.
(2)
بوائقه: ظلمه وشروره ومصائبه.
(3)
الكراع: ما دون الركبة من الساق، والناس يتنزهون عن تقديمه للضيوف، وقد قال الرسول
صلى الله عليه وسلم: "لو دعيت لكراع لأجبت".
قروشي لحسن بن عدي
Mes adresses Email, mes pages & mon blog « Lahcenb
Karouchi » :
Mon site « Blog » :
Ma chaine « YouTube » :
Ma page
« FaceBook » :
Ma page « Twitter » :
Mon adrese Email « Gmail » :
Mon adrese Email « Hotmail » :