الاثنين، 5 أكتوبر 2015

تفسير سورة الفاتحة "الآية الأولى والآية الثانية" (ابن عثيمن)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني أخواتي؛ "سورة الفاتحة" نقرؤها في كل صلاة وقد لا يعرف بعضنا معنى آياتها لذلك قررت أن تكون البداية من "سورة الفاتحة" وقد اخترت "تفسير الشيخ ابن عثيمين" رحمه الله لِمَا فتح الله عليه به من معان في تفسيره للقرآن الكريم.
فمرحبا بتعاليقكم وآرائكم والله الموفق لأقوم سبيل.

الدرس الثاني من دروس التفسير
تفسير سورة الفاتحة "الآية الأولى والآية الثانية" (ابن عثيمن)
القرآن: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)


القرآن: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

التفسير: قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين} : {الحمد} وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ ولا بد من قيد وهو "المحبة، والتعظيم"؛ قال أهل العلم: "لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم: لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً"؛ ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح؛ لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ تجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء، ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه، أو خوفاً منهم؛ ولكن حمدنا لربنا عزّ وجلّ حمدَ محبةٍ، وتعظيمٍ؛ فلذلك صار لا بد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ و "أل" في {الحمد} للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد.

وقوله تعالى: {لله} : اللام للاختصاص، والاستحقاق؛ و "الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه. أي المعبود حباً، وتعظيماً.

وقوله تعالى: {رب العالمين} ؛ "الرب": هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور؛ و {العالمين} : قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته.

الفوائد:
1-   من فوائد الآية: إثبات الحمد الكامل لله عزّ وجلّ، وذلك من "أل" في قوله تعالى: {الحمد} ؛ لأنها دالة على الاستغراق.
2-   ومنها: أن الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: "الحمد لله على كل حال" [53].
3-   ومنها: تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛ وهذا إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛ وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط.
4-   ومنها: عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم؛ لقوله تعالى: (العالمين).


القرآن: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

التفسير: قوله تعالى: {الرحمن الرحيم} : {الرحمن} صفة للفظ الجلالة؛ و {الرحيم} صفة أخرى؛ و {الرحمن} هو ذو الرحمة الواسعة؛ و {الرحيم} هو ذو الرحمة الواصلة؛ فـ {الرحمن} وصفه؛ و {الرحيم} فعله؛ ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر {الرحمن} بالوصف؛ و {الرحيم} بالفعل.

الفوائد:
1-   من فوائد الآية: إثبات هذين الاسمين الكريمين. {الرحمن الرحيم} لله عزّ وجلّ؛ وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف، ومن الرحمة التي هي الفعل.
2-   ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛ لأنه تعالى لما قال: {رب العالمين} كأن سائلاً يسأل: "ما نوع هذه الربوبية؟ هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؛ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟ " قال تعالى: {الرحمن الرحيم}.


0 التعليقات:

إرسال تعليق